تطور العملات الرقمية في العالم العربي : الابتكارات و التشريعات المحلية

شهدت العملات الرقمية (Cryptomonnaies) تطورًا ملحوظًا في العالم العربي خلال العقد الأخير، حيث أصبح لها دور أساسي في تغيير طرق التمويل الاقتصادي والدفع الرقمي. بدأت أولى الخطوات مع اعتماد التِقَانَة الحديثة، خاصة منها البلوك تشين (Blockchain)  من قبل البنوك والمؤسسات المالية لتسهيل المعاملات الرقمية بشتى أنواعها.  تمثل هذه التقنية إحدى أنواع تقنيات الحوسبة الموزعة تستخدم أساسًا لتسجيل المعاملات وتتبع الأصول بطريقة آمنة وشفافة دون الحاجة إلى وسيط مالي مركزي، مثل البنوك. وهي سلسلة من الكتل (البلوكات)، حيث يتم تسجيل المعاملات في كل كتلة (أو ما يسمى بدفتر الأستاذ الرقمي) وربطها بالكتل السابقة بشكل مشفر ومؤمن. وعندما يتم إضافة معاملة جديدة إلى الشبكة، فإن هذه المعاملة تتم تحققها وتسجيلها في كتلة جديدة تُضاف إلى نهاية السلسلة.   

 نتناول في هذا المقال، تطور العملات الرقمية المشفرة في الدول العربية والابتكارات المحلية والتطبيقات العملية الأحدث تحولًا في الطريقة التي نفكر بها في المال والتبادل الاقتصادي. كما سنتطرق إلى التشريعات واللوائح المحلية في بعض  الدول العربية وكيفية تأثيرها على انتشار العملات الرقمية.

تطور العملات الرقمية في العالم العربي

بداية انتشار العملات الرقمية

 في البداية، كان التبادل الإلكتروني في العالم العربي محدودًا بسبب عوامل تقنية واقتصادية. مع مرور الوقت، بدأت الحكومات والمؤسسات المالية في الدول العربية تدرك الفوائد المحتملة للتكنولوجيا اللامركزية والعملات الرقمية المشفرة وتسعى جاهدة إلى اعتماد التقنيات المالية الصاعدة وبتحديد العملات المشفرة كوسيلة للدفع والاستثمار.

وقد أشارت التقارير إلى أن العديد من الأفراد والشركات قد شرعوا في تبني هذا النظام الجديد للتمويل بواسطة استخدام البيتكوين (Bitcoin) وعملات أخرى مثل إثريوم (Ethereum) وريبل (Ripple) كأصول رقمية مشفرة تعتمد على تكنولوجيا البلوكشين (Blockchain). حيث أطلقت الإمارات العربية المتحدة مبادرة "العملات الرقمية اللامركزية" بالتعاون مع البنك المركزي، بهدف دفع التحول نحو المدفوعات الرقمية وتعزيز الابتكار المالي. كما قامت السعودية أيضا بمبادرة الرياض للبلوك تشين لتعزيز التطبيقات الرقمية في مختلف القطاعات.

الابتكارات المحلية واستخداماتها العملية

تميزت بعض الدول العربية بالابتكارات المحلية في مجال العملات الرقمية المشفرة، حيث بدأت الشركات الناشئة والمطورون في تطوير تطبيقات مبتكرة تساهم في تعزيز استخدام العملات الرقمية. على سبيل المثال، شهدت الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر ولبنان وغيرها تدفقًا من الاستثمارات والابتكارات في مجال العملات الرقمية.

نقدم إليك بعض الأمثلة عن الابتكارات المحلية في مجال العملات الرقمية التي تميزت بها بعض الدول العربية

الإمارات العربية المتحدة:

تعد دبي محورًا رائدًا للابتكار في مجال العملات الرقمية. حيث شهدت الإمارات إطلاق عدة مشروعات تجريبية لاستخدام العملات الرقمية في مختلف القطاعات. على سبيل المثال، تم إطلاق "EmCash" وهو عملة رقمية محلية مدعومة من الحكومة، تستخدم للدفع الإلكتروني وتعزز الاقتصاد الرقمي. كما بدأت شركة "Tabby"  بتوفير حلول دفع رقمية مبتكرة. 

السعودية

تشهد السعودية نموًا في عدد الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية والعملات الرقمية. تعد شركات مثل "مدى" و" فولت " من أمثلة الشركات الناشئة التي تسعى لتطوير تقنيات دفع رقمية مبتكرة تسهل عمليات التبادل المالي.

مصر

تعيش مصر نموًا في الابتكارات المحلية في مجال العملات الرقمية، حيث تعمل بعض الشركات المصرية على تطوير تطبيقات الدفع الرقمي والمحافظ الإلكترونية التي تسهل استخدام العملات الرقمية في المعاملات اليومية. نذكر على سبيل المثال، valu و هي واحدة من أبرز التطبيقات في مصر للدفع الرقمي والتمويل التقسيطي. يتيح هذا التطبيق للمستخدمين شراء المنتجات والخدمات عبر الإنترنت والتقسيط بأساليب مرنة وسهلة.

نذكر أيضا شركة Fawry وهي واحدًا من أكبر منصات الدفع الرقمي في مصر، حيث يمكن للمستخدمين دفع فواتير الخِدْمَات المختلفة مثل الكهرباء والمياه والإنترنت والهاتف، إضافةً إلى إمكانية الدفع عبر الإنترنت للمشتريات والخدمات عبر شبكة واسعة من النِّقَاط.

لبنان

يشهد لبنان نشاطًا في مجال العملات الرقمية، حيث يعمل المطورون والشركات على إطلاق تطبيقات محلية للدفع الرقمي تستخدم التكنولوجيا اللامركزية والعملات الرقمية مثل MenaPay وهي منصة دفع رقمية مبتكرة مستندة إلى تقنية البلوكشين، تهدف إلى تسهيل عمليات الدفع الرقمية في لبنان والمنطقة العربية.

الأردن

 يتميز الأردن بنشاط في مجال الابتكار التكنولوجي، وشهد البلد إطلاق بعض المشاريع المحلية للعملات الرقمية وتقنيات البلوكشين على غرارMadfooatCom وهي منصة دفع إلكترونية أردنية مبتكرة تهدف إلى تيسير عمليات الدفع والتحصيل في الأردن ومنصة Agora التي تسمح للمستخدمين بإجراء عمليات الدفع والتحويل بأمان وفاعلية عبر تطبيق الهاتف المحمول.

هذه أمثلة عامة عن الابتكارات المحلية في مجال العملات الرقمية في بعض الدول العربية تعكس الجهود المستمرة لتعزيز استخدام التكنولوجيا المالية المبتكرة في المنطقة، التي تؤدّي دورًا مهمًا في دعم الابتكار وتطوير الاقتصاد الرقمي.

التشريعات واللوائح المحلية في الدول العربية

 تشهد العملات الرقمية مثل البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى اهتمامًا متزايدًا في الدول العربية، ولكن التحدي الأساسي يتمثل في كيفية تطبيق التشريعات واللوائح المحلية على هذه التقنيات الجديدة. تختلف مواقف الدول العربية تجاه العملات الرقمية من حيث القوانين المطبقة ومدى اعتمادها كوسيلة للتبادل والاستثمار.

نقدم لكم بعض التشريعات واللوائح لبعض الدول العربية التي تنظم سوق العملات الرقمية وكيف تأثر على مدى انتشارها.

السعودية

ينظر البنك المركزي والجهات التنظيمية إلى العملات الرقمية بحذر تام. و تلتزم البنوك السعودية بتوجيهات البنك المركزي المتعلقة بعدم التعامل مع العملات الرقمية لأغراض مالية. ومن المرجح أن تظهر تشريعات أكثر صرامة في المستقبل لمزيد تنظيم هذا القطاع.

الإمارات العربية المتحدة

تعد الإمارات واحدة من الدول الرائدة في تطبيق التشريعات المنظمة للعملات الرقمية. أطلقت دبي عددًا من المبادرات لتعزيز استخدام العملات الرقمية في القطاعات المختلفة مثل التجارة والخدمات المالية.

مصر

تسعى مصر لتشريعات أكثر وضوحًا حول العملات الرقمية، وقد بدأ النقاش بشأن إمكانية تنظيم العملات الرقمية وتعريفها بموجب القوانين المحلية.

تونس

تولي تونس اهتمامًا متزايدًا بالعملات الرقمية، والحكومة تعمل على دراسة سبل تطبيق التشريعات لتنظيم هذا النوع من  الأصول.

تأثير التشريعات على انتشار العملات الرقمية

تأثر التشريعات المحلية بشكل كبير على مدى اعتماد وانتشار العملات الرقمية في الدول العربية. نذكر إليكم البعض من هذه التأثيرات :

الشفافية والأمان القانوني:

تشجيع التشريعات المنظمة والشفافة يسهم في بناء الثقة بين المستخدمين والمستثمرين في العملات الرقمية. عندما يكون هناك إطار قانوني واضح، يمكن للأفراد والشركات الاطمئنان إلى أن العمليات تتم بشكل قانوني ومنظم، مما يعزز استخدام العملات الرقمية.

مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال:

يعد تطبيق التشريعات المالية والقوانين المنظمة للعملات الرقمية أداة فعالة لمكافحة الجرائم المالية، مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب. عندما توفر التشريعات إطارًا قانونيًا لتتبع المعاملات وتحديد هويات المشاركين، يمكن تقليل المخاطر الأمنية والجرائم المالية المحتملة.

تعزيز التبادلات التجارية والاستثمارات:

التشريعات الإيجابية والمنظمة تسهم في تعزيز التبادلات التجارية وجذب الاستثمارات في قطاع العملات الرقمية. عندما تكون القوانين مواتية وتحمي حقوق المستثمرين، فإن ذلك يشجع على نمو البنية التحتية للتكنولوجيا المالية ويسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي.

:تحديد الضرائب والمعاملات المالية

تؤدّي التشريعات دورًا حاسمًا في تحديد كيفية فرض الضرائب على المعاملات المالية المتعلقة بالعملات الرقمية. عندما تكون الضوابط الضريبية واضحة ومنظمة، فإن ذلك يساعد في تحقيق النزاهة المالية وتعزيز الثقة في النظام المالي.

التوازن بين الابتكار والمراقبة:

 يمكن تحقيق التوازن بين دعم الابتكار في مجال العملات الرقمية وبين تطبيق الرِّقابة اللازمة بواسطة سن التشريعات المناسبة. يجب أن تكون التشريعات مرنة بما يكفل الحماية القانونية للمستخدمين وفي نفس الوقت تسمح بالابتكار وتطوير التكنولوجيا المالية.

في نهاية المطاف، يجب أن تكون التشريعات واللوائح المحلية للعملات الرقمية متوازنة بين دعم التطور التكنولوجي وضمان الأمان القانوني ومكافحة الاحتيال المالي. يعدّ تحقيق هذا التوازن التحدي الأساسي لدول العالم العربي في مواجهة التحولات الرقمية.

Envie d’écrire un article ?

Rédigez votre article et soumettez-le à l’équipe coinaute. On prendra le temps de le lire et peut-être même de le publier !


Proposer mon article

Articles similaires 

Suivez l’actualité au quotidien

Disclaimer:


Le trading est risqué et vous pouvez perdre tout ou partie de votre capital. Les informations fournies ne constituent en aucun cas un conseil financier et/ou une recommandation d’investissement.

Sommaire

Vous pourriez aussi aimer :

Nos Partenaire

BingX

Plateforme de Trading BTC

Bitpanda

Plateforme de Trading BTC

Coinbase

Plateforme de Trading BTC

Dans le même sujet

Découvrez nos outils